الشيخ "سيد قطب" رحمه الله
===============
كون الشيخ سيد قطب رحمه الله أديبا لا ينفي عنه صفة العلم ، وكتابه "الظلال" فيها من الإلمام بعلم التفسير وأدواته الشيء الكثير ـ وهذا الكلام أثبتته رسائل جامعية وذكره عدد من أهل العلم ـ .
ولكن الخلل يأتي عند محاكمة عباراته خارج سياقها ، فما خرج في سياق التقرير والتحرير الفقهي يختلف عما كان في سياق الرد على المدارس الفكرية الوافدة أوالتربية الإيمانية ، فكلمات ابن الجوزي في صيد الخاطر أو كلمات ابن القيم في الفوائد أو بعض لمحات القشيري التي يُستأنس به إنما تُفهم في سياقها ، ولقد ضربت لذلك مثالا لو قال قائل " كن في صلاة مع الله في كل وقت" ، فرد متحذلق " يا جاهل هناك أوقات يُكره فيها الصلاة " فالمتحذلق هو الجاهل لأنه لم يفهم دلالة السياق ومقصود المتكلم.
فالشيخ سيد قطب رحمه الله كرس قلمه في أطر محددة :
- مواجهة الفكر الوافد ومنعه أن يمتزج بعقول الإسلاميين ، ووضع الحدود الفارقة مع هذه الأفكار المنحرفة ، وأعانه على ذلك فهمه الثاقب لهذه المناهج مع علمه الوفير بتفسير كتاب الله وما فيه من كليات العقيدة .
- ربط قلوب العاملين بالله عزوجل ومعالجة أمراض القلوب خاصة في زمن المحنة من الخوف والتعلق بالدنيا والشك في الوعود الربانية واستبطاء النصر .
- هذا كله في بوتقة من رسم خط كلي للصحوة الإسلامية نحو إستعادة مشروع الخلافة ومواجهة الطغاة ، وما أعطاه تميزا في هذا عن غيره قوة إطلاعه على المناهج العلمانية المحدثة ووعيه السياسي والتاريخي وفهمه للواقع السياسي الحديث الذي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى فالثانية ، وهذا التكامل بين فهم الواقع بشقيه الفكري والسياسي مع إلمامه بعلوم التفسير جعل لرؤيته تميزا من حيث الإجمال والخطوط الكلية.
- كما أنه كان يريد تحرير العقيدة من التقاسيم الجافة التي غلبت على كتب العقيدة حتى ظن طلبة العلم حديثي العهد أن هذه التقاسيم هي العقيدة وإنما الحقيقة أنها حدود وضوابط وضعها جهابذة أهل السنة وفق الاستقراء الكلي للأدلة الشرعية لتكون مانعا من تلبيسات أهل البدع ، فكان طرح الشيخ سيد قطب رحمه الله تجديديا من حيث هو محاولة لترسيخ العقيدة الحية ملتزما بهذه الأطر والحدود ، فلو زلت منه عبارة لم تهدم هذا الجهد التجديدي منه رحمه الله
ولكننا للأسف ابتلينا في هذه العصور بشباب غايته من العلم التحذلق ، وفهمه للتأصيل التقعر ، وحكمه على الناس الدعاوى ، بينما خفت في كلامه الدليل ، ومن فهمه الأصول ، ومن حكمه حقائق الأمور ، فجار في الحكم على الشيخ سيد قطب رحمه الله ، بينما قرأ عدد من العلماء الكبار كلامه فما خرجوا بما زعموه .
يزيد تعقيد القضية أن الأجهزة الأمنية والأوضاع العلمانية وكذلك الإرجائية تسعى في منع اتصال الأجيال بكتب الشيخ وحصار منظومته لتفريغ الحراك الإسلامي واستنئناسه ، ويستخدمون أشكالا سلفية تعلو بذاتها لمصاف العلماء لتفرض نفسها كرقيب على الإسلاميين ، مما يسبب ميلا للشك والريبة عند نقد الشيخ سيد رحمه الله ، قد يراه البعض مبالغا في بعض الأوقات.
فلا شك أننا في حاجة إلى نقد موضوعي منضبط يستحضر السياق العلمي والأطر الكلية لمدرسة الشيخ سيد قطب رحمه الله ، بعيدا عن المسلك المعيب في الإتكاء على كلمات أو عبارات لهدم مفهوم المواجهة واستبداله بالتعايش ، وترسيخ دور "الرقيب" السلفي على الحراك الإسلامي بدعاوى فاقدة للمضمون والحقيقة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
===============
كون الشيخ سيد قطب رحمه الله أديبا لا ينفي عنه صفة العلم ، وكتابه "الظلال" فيها من الإلمام بعلم التفسير وأدواته الشيء الكثير ـ وهذا الكلام أثبتته رسائل جامعية وذكره عدد من أهل العلم ـ .
ولكن الخلل يأتي عند محاكمة عباراته خارج سياقها ، فما خرج في سياق التقرير والتحرير الفقهي يختلف عما كان في سياق الرد على المدارس الفكرية الوافدة أوالتربية الإيمانية ، فكلمات ابن الجوزي في صيد الخاطر أو كلمات ابن القيم في الفوائد أو بعض لمحات القشيري التي يُستأنس به إنما تُفهم في سياقها ، ولقد ضربت لذلك مثالا لو قال قائل " كن في صلاة مع الله في كل وقت" ، فرد متحذلق " يا جاهل هناك أوقات يُكره فيها الصلاة " فالمتحذلق هو الجاهل لأنه لم يفهم دلالة السياق ومقصود المتكلم.
فالشيخ سيد قطب رحمه الله كرس قلمه في أطر محددة :
- مواجهة الفكر الوافد ومنعه أن يمتزج بعقول الإسلاميين ، ووضع الحدود الفارقة مع هذه الأفكار المنحرفة ، وأعانه على ذلك فهمه الثاقب لهذه المناهج مع علمه الوفير بتفسير كتاب الله وما فيه من كليات العقيدة .
- ربط قلوب العاملين بالله عزوجل ومعالجة أمراض القلوب خاصة في زمن المحنة من الخوف والتعلق بالدنيا والشك في الوعود الربانية واستبطاء النصر .
- هذا كله في بوتقة من رسم خط كلي للصحوة الإسلامية نحو إستعادة مشروع الخلافة ومواجهة الطغاة ، وما أعطاه تميزا في هذا عن غيره قوة إطلاعه على المناهج العلمانية المحدثة ووعيه السياسي والتاريخي وفهمه للواقع السياسي الحديث الذي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى فالثانية ، وهذا التكامل بين فهم الواقع بشقيه الفكري والسياسي مع إلمامه بعلوم التفسير جعل لرؤيته تميزا من حيث الإجمال والخطوط الكلية.
- كما أنه كان يريد تحرير العقيدة من التقاسيم الجافة التي غلبت على كتب العقيدة حتى ظن طلبة العلم حديثي العهد أن هذه التقاسيم هي العقيدة وإنما الحقيقة أنها حدود وضوابط وضعها جهابذة أهل السنة وفق الاستقراء الكلي للأدلة الشرعية لتكون مانعا من تلبيسات أهل البدع ، فكان طرح الشيخ سيد قطب رحمه الله تجديديا من حيث هو محاولة لترسيخ العقيدة الحية ملتزما بهذه الأطر والحدود ، فلو زلت منه عبارة لم تهدم هذا الجهد التجديدي منه رحمه الله
ولكننا للأسف ابتلينا في هذه العصور بشباب غايته من العلم التحذلق ، وفهمه للتأصيل التقعر ، وحكمه على الناس الدعاوى ، بينما خفت في كلامه الدليل ، ومن فهمه الأصول ، ومن حكمه حقائق الأمور ، فجار في الحكم على الشيخ سيد قطب رحمه الله ، بينما قرأ عدد من العلماء الكبار كلامه فما خرجوا بما زعموه .
يزيد تعقيد القضية أن الأجهزة الأمنية والأوضاع العلمانية وكذلك الإرجائية تسعى في منع اتصال الأجيال بكتب الشيخ وحصار منظومته لتفريغ الحراك الإسلامي واستنئناسه ، ويستخدمون أشكالا سلفية تعلو بذاتها لمصاف العلماء لتفرض نفسها كرقيب على الإسلاميين ، مما يسبب ميلا للشك والريبة عند نقد الشيخ سيد رحمه الله ، قد يراه البعض مبالغا في بعض الأوقات.
فلا شك أننا في حاجة إلى نقد موضوعي منضبط يستحضر السياق العلمي والأطر الكلية لمدرسة الشيخ سيد قطب رحمه الله ، بعيدا عن المسلك المعيب في الإتكاء على كلمات أو عبارات لهدم مفهوم المواجهة واستبداله بالتعايش ، وترسيخ دور "الرقيب" السلفي على الحراك الإسلامي بدعاوى فاقدة للمضمون والحقيقة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق